.د عبد العزيز عاشور
منا من يجدها جميلة و فاتنة وجذابة وخاصة إذا كانت صادرة من امرأة ولكنها ليست دائما هكذا، ففي أغلبية الأحيان ما تكون مزعجة للمريض بوجه خاص وللجمهور بوجه عام لأنها تسبب إجهادا للحنجرة مع بعض الألم بجانب أنها تؤثر على نوعية الصوت وأدائه ووظيفته وقد تؤدى إلى ضعف تام للصوت بل والى اختفاء الصوت تماما الأمر الذي يسبب إحباطا لدى المريض الذي يحاول وبكل الوسائل توصيل الرسالة عبر صوته أو عبر كلامه، فنحن كبشر نعيش عادة في مجتمعات صغيرة (أسرة) وكبيرة (تجمعات،سهرات،حفلات) وما يربطنا ببعض في هذه الاجتماعات كلها هو الكلام .الكلام الذي ينطلق من الحنجرة هو الوسيلة الأمثل للاتصال والتعبير عن الشعور والإحساس والتعبير عن الإعجاب والحب والألم والهناء،وبدون كلام يصاب الإنسان بالإحباط والعزلة والاكتئاب.
بعد هذه المقدمة التي تشرح باقتضاب أهمية الصوت والكلام للإنسان دعنا نتعرف على هذا الجهاز المعقد الأداء البسيط التركيب الذي يقوم بهذه المهمة المعقدة ، إنها الحنجرة :
تتركب الحنجرة في أبسط صورها من جزء كبير غضروفي وجزء صغير عضلي وغشائي وتتكون الحنجرة داخليا من جزء أعلى الحبال الصوتية ومن جزء الحبال الصوتية ( في الوسط ) وجزء ما تحت الحبال الصوتية والجزء المهم الفعال لإنتاجية الصوت هو الجزء الأوسط ممثلا في الحبال الصوتية والعضلات التي تحركها والغشاء المخاطي المغطى لها والمحيط بها .
يدير هذا الجهاز جهاز عصبي معقد مرتبط مباشرة بالمخ و بجميع المراكز المسئولة عن الكلام .
ما هي الحبال الصوتية وكيف تتم عملية تطوير الصوت والكلام؟
الحبلان الصوتيان واللذان يبلغ طولهما بعض سنتيمترات يتكونان على كل جانب من ألياف بيضاء على الجزء الداخلي وعضلات على الجزء الخارجي,مغطاة بطبقة من الغشاء المخاطي مشدودين في منتصف الحنجرة على شكل رقم سبعة (7) بحيث يكون رأس العدد مثبتا إلى الأمام وسيقانه مثبتة في النهاية إلى الخلف كل على حدة، تتحرك منقبضة أو منفرجة حسب الوظيفة .
ففي حالة التنفس تنفرج الساقان بينما هى تتقارب الى درجة الالتصاق في حالة إصدار الصوت أو الكلام أو الكحة أو الوظائف الأخرى المذكورة أعلاه ،فسبحان الله الذي خلق كل شيء فأحسن خلقه ،سبحانه عما يشركون !
ما هي وظائف الحنجرة ؟
للحنجرة وظائف هامة أخرى غير عملية الصوت والكلام ولو أنها تعتبر وظيفة هامة فلا تقل الوظائف الأخرى عنها أهمية :
- فهي المدخل الرئيسي للهواء ( التنفس, وهى أهم وظيفة للحنجرة )
- وهى تحمى الرئة من دخول مواد غريبة غير الهواء
- وهى مع الرئة تعتبر المولد للكحة القوية التي من واجبها طرد الأجسام والأوساخ الداخلة إلى الرئة والخارجة منها إلى الخارج .
- تساعدنا في عملية التبرز وتساعد المرأة في عملية الولادة وتساعد الرياضي في عملية رفع الأثقال عن طريق تكوين ضغط مرتفع جدا في التجويف البطني ما تحت الحجاب الحاجز.
إذا لا عجب أن تتأثر هذه الأحبال الصوتية الناعمة ذات الوظائف المتعددة والمعقدة بأقل ضرر فيوثر تأثيرا كبيرا على وظيفتها وأدائها وكما يقول المثل المعروف «كلما تعقد الجهاز وكثرت وظائفه أصبح أكثر عرضة للخلل والخراب «.
ما هى إذا هذه الأشياء التى من الممكن أن تؤثر على الحبال الصوتية ووظائفها ؟
نسردها حسب أهميتها وشدة ضررها :
- التدخين
- الهواء الملوث بأنواعه المختلفة ومضاره المتعددة - الالتهابات الجرثومية (مثل الدرن)
- الالتهابات الفيروسية المختلفة - كثرة الكلام مع الانفعال أثناء الكلام
- الانفعالات الصوتية وخاصة لدى الأطفال - شلل الحبال الصوتية النصفي أو الكلي.
- الارتجاع البلعومي الحنجري - تكوين لحميات على الحبال الصوتية بما فيها حبيبات المغنين
- خلقية لا سبب لها - هرمونات وخاصة لدى الرجال وهو ما نراه في سن البلوغ لدى الشباب
- أورام حميدة وسرطانية
إذا علينا أن نعلم أن بحة الصوت أو تغير الصوت أو ضعف الصوت ليس مرضا قائما بذاته بل هو عارض أو ظاهرة لأمراض مختلفة وهى مؤشرات مبكرة لأمراض يمكن أن تكون خطيرة
- تنبيه أو إنذار مبكر من الله يخبرنا فيه أن هناك شيئا ما يحدث أو حدث ، علينا أن نعرف اكتشاف السبب وعلاج المرض على وجه السرعة لتحسين فرصة الشفاء إن شاء الله .
لذا فهناك قاعدة طيبة تقول» أي بحة صوت لدى المدخنين لا تتحسن خلال 3 أسابيع يجب الكشف عنها والتعرف على أسبابها بأسرع وقت ممكن» .
كيف يتغير الصوت ؟
الأسباب المذكورة سلفا تقود إلى :
أ- تضخم في الحبال الصوتية فيخشن الصوت ( مثل أوتار الآلة الموسيقية )
ب- حدوث ترهرط في شدة الأحبال الصوتية
ج- قلة حركة عضلات الأحبال الصوتية لكثرة أو سوء الاستعمال.
د- اللحميات تمنع الأحبال الصوتية من الاقتراب من بعضها.
ه- انعدام حركة الأحبال الصوتية جزئيا أو كليا (في حالة الشلل الجزئي أو الكلي).
ما العمل في هذه الحالات ؟
علينا الكشف على المريض ومن ثم نبدأ المشوار مع العلاج .
عملية الكشف تبدأ كالآتي :
- السماع لقصة تطور المرض من فم المريض - الكشف عليه تماما ثم على الحنجرة بالمرآة
- الكشف على الحنجرة بالمنظار مع تسجيل للصورة
- تصوير حركة الحبال الصوتية وتحليل تفاصيل هذه الحركة
- فحص للحنجرة تحت البنج العام - أخذ وخزة أو عينة من أي نمو على الحبال الصوتية
على ضوء ذلك وليس قبل ذلك تتم مناقشة عملية العلاج مع المريض وبكل صراحة .
ما هي سبل العلاج المتوفرة اليوم؟
1- يعتمد على الحالة ولكن أحسن السبل وأقلها تكلفة هي قلة الكلام لإراحة الأحبال الصوتية .
2 - علاج المرض المسبب للمشكلة
3 - أي نمو على الحبال الصوتية يجب أن يستأصل ويفحص نسيجيا للتأكد من أنه حميد الأصل.
4- علاج كلامي عن طريق إخصائي النطق والكلام.
5- بعض الأدوية الملطفة كالبخار الدافئ مخلوط مع أدوية ملطفة للحنجرة.
- عادة ما نستعين بجميع ما قيل من 1- 5
- للحالات الصعبة والمعقدة هناك طرق جراحية مختلفة ومعقدة ولكنها مصحوبة بنتائج جيدة.
يقول المثل» الوقاية خير من العلاج «- إذا كيف ؟
- قلة الكلام - فخير الكلام ما قل ودل - التقليل من الانفعالات أثناء الكلام - وهى الأخطر
- الإقلاع عن التدخين أو على الأقل التخفيف منه
- الرفع من مستوى مناعة الجهاز التنفسي عن طريق ممارسة الرياضة المناسبة في الهواء الطلق .
- التقليل من إجهاد الحبال الصوتية وخاصة لدى المعلمات اللائي يدرسن في الصباح في المدرسة .
ويدرسن في العصر أطفالهن في البيت تاركات الزوج بدون مشاركة في تربية الأطفال !
- قلة الكلام أو عدم الكلام تماما أثناء الإصابة بالتهابات فيروسية ( زكمة مع كحة).
آملين أن تجد إرشاداتنا أذانا صاغية .
----
منقول .. المقال بقلم أ. د عبدالعزيز عاشور