بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد :
هذه الرواية هى ثانى رواية كتبتها عندما كنت فى السادسة عشر وهى قصة حقيقية المتغير فيها فقط هو أسماء الأشخاص الثلاثة الذين قاموا برحلة العمل الفاشلة
رحلة السراب
فى باحة الدار رقد يستجدى النوم،بخص عينيه محاولا لكم بلا فائدة لقد أبق النوم وصدف عنه حاول مقاولة النوم ثانية لكنه ماطله كما حدث فى المرة الأولى نهض من رقدته جالسا القرفصاه واضعا رأسه بين يديه السكون شىء مخيف يبعث فى نفسه الخوف كل شىء ساكن خارجيا لكن داخليا لا يعلمه إلا الله حدث نفسه قائلا وهو يرنو بعيدا :يارب حمدا لك ولكن لا ليس هناك لكن دعك من ذلك يجب أن نفكر فى موضوع أخر الكرة مللت منها كذلك الكتابة والفنون والقراءة كلها بشمت منها إذا نفكر فى الدنيا المقلوبة فى الذين أصبحوا يرتدون الملابس الأجنبية ويدخنون التبغ المريكى المحرم يا ترى هل نظل هكذا محلك سر ليس هناك إلا سروالين أبدل أحدهما مع الأخر لابد أن يكون عندى عدة بنطالات لكن كيف والعين بصيرة واليد قصيرة يا بنى اسعى يا عبد وأنا أسعى معك لابد من العمل حتى لا يدخل الحقد نفسك فتصبح من النادمين لكن أين فى القاهرة وما فيها يكفيها أم فى طنطا وأجورها قليلة أم فى الإسكندرية بائع متجول أم فى بورسعيد بلد التهريب ومن كل لون يا بطاطا لكن من يعمل معى هناك فى بورسعيد إن فرصة التهرب من الجمارك متاحة فالملابس بأثمان بخسة والتهرب بالعمل بالملابس يوما حتى تتسخ ثم تركها فى الحقيبة هناك ألف طريقة وطريقة وإن كنا نحن الأولى من الحيتان التى تبتلع كل شىء فى بطنها وقد ترمى أولا ترمى لنا الفتات لكن من يعمل معى فليست هذه سرقة بل حق آن لنا أن نأخذه بالقوة ما دام المتطفلون يستولون على كل شىء نعم هذا حقنا نحن المهضومون سأشرك معى مصطفى ابن خالى فى الموضوع عندما يأتى فى الصباح 000نعم 000نعم أخذه النوم وهو جالس حتى انبلج الفجر من دياجير الليل وتبين الخيط البيض من الخيط الأسود فقام على صوت أشياء تتحرك داخل الدار فوجد أمه قابعة تعد الفطار فقال وهو يدعك عينيه بقبضتى يديه صباح الخير يا أمه فردت وهى تبتسم صباح الخير ياولدى فقال وهو يجلس على أطراف أصابعه اسمعى أنا نويت أشتغل فردت وهى تحتضنه بفرح نويت اشتغل فى بورسعيد فردت بلهفة لكن ما هى الحرفة التى ستعمل فيها فقال بلا مبالاة أى حاجة فردت مقطبة الوجه كيف أى حاجة لازم تحدد فقال وهو يرنو للسماء هناك عملين حكى لنا عبد الله ابن خالتى وعمل فيهم فردت مقاطعة تقصد مصنع الكوكا كولا ومصنع البصل فقال عليك نور ردت لكن أنت لم تذهب لبورسعيد ولو مرة واحدة فقال بتعجب نسيتى أن الذى يسأل لا يتوه فردت بلهفة لكن عمرك ما بت خارج الدار قال التعود وأنا لن أذهب بمفردى بل يذهب معى مصطفى وعبده فردت يمكن عبده لا يرضى لأن عنده الغيط شاغله فقال لا تقدرى الشىء قبل وقوعه فردت قم أفطر فقام للصنبور فتوضأ فصلى وعاد لمكان الإفطار وأفطر وانطلق من فوره لا يلوى إلا على بائع الصحف فاشترى منه الصحيفة وقفل للبيت بسير يشبه العدو وما إن وصل حتى كان الشاى قد أعد فجلس على الأريكة يرتشفه وهو يقرأ الصحيفة وهو يعرف ما فيها قبل أن يقرأها مثل( صرح فلان الفلانى بكيت وكيت ،حرب لبنان مشتعلة ،حرب الخليج تدخل يوما جديدا ولا حل،الأفغان يهزمون السوفيت لكن الخونة يحولونه لنصر طفيف ،ريجان وجورباتشوف يتنمران كل منهما بالهلاك ،السود ينظمون مظاهرة فى جنوب أفريقية ،المجاعة تهدد دول أفريقية ،حرب العصابات مستمرة فى أمريكا اللاتينية ،الصين ترفض التصالح مع روسيا إلا بشروط ثلاثة ،معجزة من اليابان ،الفلبين على وشك الحرب الأهلية،الأوبك مجتمعة لمعالجة إنهيار الأسعار،الرياضة فى مصر فى خطر ،وما زال التسيب مستمر،العلم والثقافة على كف عفريت )صورة قاتمة لا تبشر بخير يقرأها الإنسان فتصيبه بالإنهيار النفسى والتلبك المعوى وضغط الدم والقلق الإنسان لا يعرف مصيره وماذا ينتظره غدا كل شىء يبعث على القلق على الجنون فى عالم مصاب بلوثة لولا بهرة من العقل وإذ هو يقرأ الصحيفة أقبل مصطفى ابن خاله عليه مصبحا فرد التحية ثم رمى الصحيفة جانبا ثم وجه الحديث له قائلا أسمع أنا فكرت فكرة البارحة
-فكرة لعبة ولا قراءة -لا هذه ولا تلك بل سنعمل فى بورسعيد
-هل تتكلم بجد ؟ - بلا فخر
-هذا تقدم كبير لكن هل فكرت فى أى شىء سنعمل ؟ - نعم
-فيما – إما فى مصنع البصل أو المياه الغازية
-تقصد المصنعين الذى عمل فيهما عبد الله
- نعم وأعددت فكرة لنخرج من الجمارك بدون جمرك
- أعددت كل شىء دون أن أدرى
- اسمع يا بنى من تلك الأفكار الذهاب بجلباب قديم هو والملابس الداخلية ولبس الملابس الجديدة عند الخروج أو شراء الملابس و توسيخها وتكرار الذهاب والعودة عدة مرات
- هذا تفكير إجرامى
- سنعمل أعمال سودة مع بعض
- لكن الفكرة الثانية مضمونة
- اسمه عبده لابد يذهب معنا
- على رأيك كل واحد لازم يسعى وراء رزقه لكن متى نسافر
- بعد الأسبوع القادم يعنى يوم السبت
ومرت الأيام واتفق ثلاثتهم على السفر وجاء يوم السبت وقد تلاحت محمد الأفكار التى انثالت من عقله فاستكت عيون الدنيا فى عينه فهو يريد الذهاب لإحضار ملابس بلا عمل وحضر مصطفى وعبده لداره فألفوه حزينا مهموما فقال عبده هذا ما كنت أخاف منه فرد مصطفى هل هناك شىء يحزنك فقال محمد بنبرة حزينة إن جئت للحق فقاطعه عبده الجواب بان من عنوانه فرد محمد بصوت عالى جواب وعنوان أنت فهمت خطا أنا أريد أن أقول نأجله فقال مصطفى نأجل ماذا يا محمد فرد محمد السفر فقال عبده الموضوع لا يحتمل فقال مصطفى مكملا والعيد بقى عليه شهر يعنى على ما نوفر قرشين ينفعونا فرد محمد وهو يلوح بيده أنا لست مستعد نفسيا فقال عبده أسمعت يا عم مصطفى ؟فرد مصطفى نسمع الدفاع الأول فقال عبده بقرف قل يا سيدى فرد محمد وهو يبتسم حضرات السادة المهربين هل سمعتم النكتة التى تقول إن أحد مرضى ازدواج الشخصية ذهب لعيادة الطبيب فوجد مريض أخر فسأله ما هو مرضك فرد قائلا ازداوج الشخصية فقال المريض الأول لقد أصبحنا أربعة إذن فى الحجرة فقال عبده وما علاقة ذلك بالقضية ؟فرد مصطفى مقاطعا سيدى المهرب المتعجل على رسلك فالجواب سيأتى فقال محمد قائلا هل سمعتم النكتة التى تقول أن حاكم سأل رجل فصيح لماذا أنت قزم فرد قائلا إن أمى عند حملى كان فى بطنها أزمة إسكان من هذه النكات نأتى للخلاصة وهى أن من لا يقدر على العمل يكون باله مشغوله بشىء وإن العمل على الجمع بين شيئين فى وقت واحد معناه فشل الشيئين وخاصة إذا كان أحد الشيئين عمل بدنى يحتاج لجهد عضلى فقاطعه عبده إن ذلك المجهود سيريحك من شغل البال بالنوم فقال مصطفى اسمع يا محمد يوم السبت القادم لابد أن تكون متهيىء تماما لذلك فرد محمد مقاطعا هذا أفضل .
ثم قام مصطفى وعبده منصرفين قبع محمد فى مكانه يحدث نفسه قائل إلى متى اظل اتهرب منهما لقد وعدتهما وأخلفت ثم وعدتهما هذه المرة فهل أخلف إن وعد الحر دين عليه إلى متى أتكاسل عنهم وأعرض وأماطلهم هل هو شىء مركوز فى أم أنها صفة لعينة يمكن التخلص منها إلى متى أنتظر الحل من الشيطان إنى أعرف أنى مدرك للمسئولية لكنى لا أقدر على حملها لا بل هى ضعف الشخصية وضعف الإرادة لابد من إرادة تتخلص من كل ذلك ومضت الأيام متعاقبة وجسمه حل به تعب من التفكير فقد أصبحت رأسه كالبارود يكفى اقتراب النار منه لإنفجار وعينه تقرأ الصحيفة وعقله فى وادى غير الوادى قلبه ازداد وجيبه واصفر وجهه وارتعشت أطرافه اصبح يبكى أثناء النوم وهو الذى لم يبكى من زمن طويل وجاء يوم السبت وحضر مصطفى وعبده بالحقيبوة عازمين على السفر حتى لو لم يسافر معهم ودخلا عليه محيين السلام عليكم فرد وعليكم فقال مصطفى هل استرحت فرد محمد بإمتعاض نعم فقال عبده إذن هيا لبور سعيد فرد مصطفى لا تتسرع حتى يحضر ملابسه ويودع أمه فقال محمد بنفس النبرة استأذنكم حتى أحضر الملابس وأودعها فولج محمد للحجرة المقابلة التى فيها الملابس وأمه حاول أن يبكى لكن رجولته أبت وأخرج الملابس من الخزانة ثم نظر لأمه نظرة حملت كل مشاعره ثم أعطاها ظهره وقال سلاما يا أمى فردت وهى تحاول أن تمسح دموعها روحوا مع السلامة يكتب لكم فى كل خطوة سلامة
خرج متجهما إليهما فى الحجرة بالملابس فوضعها فى الحقيبة قائلا هيا عليكم اللعنة فرد مصطفى وهو يضحك ألم أقل لك ؟فقال هيا أمامى للجحيم .
خرجوا من البيت وجنانهم تطى لتراب القرية وتحاول صدورهم أن تمتلأ بأكبر كمية من هوائها وركبوا الحافلة التى أسرعت بهم لطنطا وهم ينظرون خلفهم وفى نفس كل واحد منهم حاجة وما إن وصلت الحافلة لمحطة الحافلات حتى تنفس محمد الصعداء قائلا لعنة الله على الحاجة فرد عبده وقد أشرق وجهه أعرف همك على بطنك فقال محمد ضاحكا عليك نور استرى لنا ثلاث قرص فرد مصطفى لمن الثلاثة ؟فقال محمد لست طامعا فى كرمكم ثلاثة تكفينى فرد عبده مقاطعا ماذا تقول فقال محمد أقصد تكفينا هيا فليذهب أحدكم لإحضارها
تركهما مصطفى وذهب للبائع فقال عبده اسمع هذه النكتة واحد قال لصاحبه فيك من يكتم السر فرد نعم قال سلفنى خمسة جنيهات فرد ولا كأنى سمعت حاجة فضحك الإثنان حتى حضر مصطفى فقال على ما تضحكون شاركونى معكم فرد محمد عبده كان يقول نكتة فقال مصطفى وهو يناول كل واحد منهما قرصه اسمعوا هيا بنا لمحطة السكة الحديد فولجوها وهم يأكلون وذهبوا لرصيف المنصورة وجلسوا مصطفى ومحمد وذهب عبده يسال عن ميعاد القطار الذاهب لدمياط فقيل له الساعة العاشرة وكانت ما تزال الثامنة والنصف فذهب إليهما وقال لهم القطار الساعة عشرة فرد محمد أنا ذاهب لشراء الصحف فقال مصطفى لماذا تجمع هل ستشترى ثلاثة صحف ؟فرد محمد وهو يقطب وجهه بمرح ألم تسمع فى القرآن "هذان خصمان اختصموا فى ربهم "فقال عبده ستشترى صحيفتين إذن فرد إن شاء الله فقال مصطفى بقرف يا بنى السفر يتطلب كل قرش معنا فلما الإسراف فبدل جريدة واحدة لا شىء وبدل اثنين واحدة فرد وهو يدير ظهره لهما متجها للسلم لعنة الله عليكم يا أعداء الصحف وتركهم هابطا المرقاة بسرعة وفى نفسه يحمل هم كبير نفس الشعور داخل مصطفى وعبده اللذين لاذا بالصمت حتى آب بالصحف فقال عبده ما فيها؟فرد محمد الهم والغم فقال مصطفى إعادة رقم فرد محمد ووجهه متجهم السفر له سبع متاعب تعب الجسم وسماع الشتائم وضياع الوقت بلا فائدة وإطالة النظر وتشتت الذهن وإهدار الفلوس والثرثرة فقال مصطفى سبع صنايع والبخت ضايع فأكمل عبده بصوت رفيع تعالى يا ولد افتح كفك أقرا لك كفك نجمك فى السما عالى وفى الأرض قاضى ولك عندى عروسة تزف بالمزاهر ومصيبة تلف بك الدوائر فرد محمد اسكتوا يا عمال فاشلين ولستم نافعين وسنتكم طين فقال مصطفى يا ليلة ما جانى الحرامى وزق على الباب انقبضت أنا وقلت يا ليلة هباب فرد عبده وهو يضحك أعطنى قرشا ولا تكسف يدى فإنى دورت اليوم ما لميت شيئا .
جاء قطار المنصورة ونزل من فيه من الركاب وركب الذاهبون إليها وإلى المحلة الكبرى وهم قلة منهم فتاة جلست فى العربة التى تواجه الثلاثة فقال مصطفى بجد وضحك اسمعوا أنا سأعلق هذه الفتاة فرد محمد اقعد يا بنى كى يسهلها ربنا فقال مصطفى وهو يرفع حاجبيه مثبتا مقلتيه تسالى على ما يأتى القطار فرد عبده البنات ليست لعبة وقال محمد مكملا وأنت لك أخوات فرد مصطفى استأذنكم ثم قام متجه للعربة ودخلها وجلس مواجها لها قائلا قمر بالستر ثم تبادلا النظرات فالإبتسامات ثم قام من مجلسه وجلس بجانبها قائلا الكريمة من أين؟فردت من المنصورة فقال أحسن ناس فردت وهى تضحك بلا نفاق فقال يعنى أقول ماذا فردت كل واحد يسأل الثانى ما بلدك يقول له أحسن ناس فقال أنت واضح عليك إنك تعرفى قصدى فردت نعم تسلية كى يقتل الملل فقال عليك نور تفهميها وهى طائرة فردت مبتسمة هيا قم وانزل فالقطار سيتحرك فقال لها مع السلامة ثم قام ونزل من القطار متجها لصاحبيه فقال محمد أهلا يا روميو فرد قائلا خسئت فما أنا إلا قيس يبحث عن ليلى بين الفتيات هيا يا عبده نقوم بجولة لنصطاد فى المياه العكرة فقال محمد اذهبا عليكما اللعنة
ثم سار عبده مع مصطفى وتجولا دقائق ثم عادا فقال محمد اسمعوا أنا راجع فرد عبده الك أقل لك إنه لا يحب الشغل فقال محمد مقطبا جبينه إنا دماغى أصبح كالجبل لا أطيق الإنتظار أكثر من ذلك فرد مصطفقى يا مجنون سيقولون عليك عيل فقال محمد لا يهمنى فرد مصطفى والأحلام تضيع وأكمل عبده والأفكار النيرة تذهب سدى وأكمل مصطفى ولو رجعت لرجعنا معك حتى لا يقولوا تركوه يرجع وحده ونظل فى نظرهم عيال وأكمل عبده وأمك ستقول جاءت الحزينة تفرح فلم تلقى لها مطرح فرد محمد كل هذا لا يهمنى فقال مصطفى استهدى بالله واستعذ به من الشيطان الرجيم واكمل عبده وكل تأخيرة وفيها خيرة فرد محمد بقرف زيادة على ساعة عن الموعد الأصلى ولم يحضر بعد فقال عبده الصبر مفتاح الفرح وأكمل مصطفى مداعبا ومحمد فتاح الخزن وجلس الثلاثة وفى أنفسهم حاجة لكنهم لا يستطيعون فعلها حتى لا يقابلون بوابل من الشتائم والتقريع والنظرات الشامتة وبعد فترة من الصمت قطعها عبده قائلا اسمعوا هذه النكتة شخصان ركبوا سيارة وقادها أحدهم وبعد فترة أتى تقاطع فقال السائق لصاحبه انظر يمينك فنظر يمينه ثم قال لا شىء ثم سكت فتحرك السائق بالعربة فأكمل صاحبه غير قافلة شاحنات لكنهم لم يضحكوا وابتسموا ابتسامات صفراء فقال عبده ألم تعجبكم النكتة فرد محمد ممتعضا هى مفارقة جميلة لكنها أتت بالموت أو الإصابة فكيف نضحك فقال عبده فاتتنى هذه خذ هذه النكتة فرد محمد بقرف فرحنا بصمتك فقال مصطفى ماذا هنا ستقلبها غم ولا فرد محمد بحزن ليتنى فقال عبده وهو يضحك:
ليت وهل تنفع ليت ليت ليت بيعت فاشتريت
فرد مصطفى لو علمتم الغيب لرضيتم بالواقع وبينما هم يتحدثون دوى صفير قطار فقال مصطفى يا رب يكون هو واستجاب الله لدعائه فكان هو القطار الذاهب لدمياط فانتظروا حتى نزل من فيه ثم ركبوا رسط القطار فقال عبده جاء المراد من رب العباد وأكمل مصطفى الذى صبر نال فرد محمد أنا راجع ثم قفز من الباب فقفز الإثنان خلفه تاركين الحقيبة فى القطار اسمع يا مجنون وجريا خلفه حتى لحقا به وقال مصطفى ماذا يقول الناس ونحن نجرى خلفك فرد محمد يقولوا ما يقولوا لا يهمنى فقال عبده حاضر اركب ونتفاهم وقال مصطفى اركب يا ابن الناس القطار سيمشى وركب معهم وساروا فى طرقة القطار حتى وجدوا الحقيبة فجلسوا صامتين وتحرك القطار متجها للمحلة الكبرى ثم المنصورة حيث وقف ليغيرإتجاهه وفى تلك الفترة نزل عبده ومصطفى من القطار وتركوا محمد يقرأ الصحيفة فنادى عليهم عسكرى من الجيش يا أخ أنت وهو فالتفتا له وقال عبده ماذا تريد؟فقال لمصطفى ألم تأخذ منى الحقيبة؟فرد مصطفى لا فقد اختلط عليك أمر فقال العسكرى وفى عينيه الغضب يا أخى هل أخذتها فرد مصطفى لا تعالى وأنا أبحث معك وسار الثلاثة ينظرون للشبابيك حتى وجدوا الذى أخذ الحقيبة مطل من الشباك وفى يده الحقيبة وعينيه تبحث عن صاحبها فقال العسكرى حمدا لله فقال عبده ما موقفك ؟فرد العسكرى وهو ينظر للأرض آسف فقال مصطفى وهو يضحك لا تتأسف يا عم كلنا إخوة أسرع وهات الحقيبة منه قبل أن يسير القطار فأسرع العسكرى للشاب وأخذ منه الحقيبة شاكرا ثم لوح بيديه لهما فردا عليه بالتلويح واتجها للعربة التى بها محمد حيث جلسا وبعد فترة تحرك القطار مارا بكفر سعد وشربين متجها لدمياط حيث المحطة النهائية وما إن وصل دمياط ونزلوا حتى قال محمد وقعنا فى شر أعمالنا فقال مصطفى بتلهف ماذا هناك؟ فرد محمد هل هناك قطار من هنا لبورسعيد؟فقال عبده رعبتنا يا أخى هل هذه مشكلة نركب حافلة فرد مصطفى أنا ذاهب لمدير المحطة لأسأله ثم تركهم وسار فقال محمد لا أظن أن هناك قطار من هنا لبورسعيد فرد عبده صح لو كان فيه لكان القطار طنطا بورسعيد ورجع مصطفى متجهما قائلا لا فرد عبده هبا بنا نخرج من المحطة علنا نجد من يدلنا لمحطة الحافلات فقالا هيا
سار الثلاثة متجهين للبوابة فوجدوا حارسا فسأله عبده أين محطة الحافلات فرد الحارس عدوا الجسر الحديدى واسألوا هناك فقال مصطفى شكرا
وسار الثلاثة وبلغوا الجسر الذى يظهر النيل من بين فجوات فى أرضيته ورأى محمد النيل لأول مرة فى حياته مائه مخضر مما يرمى فيه من القمامة ومن مخلفات الورش والمصانع واجتازوا الجسر ثم سألوا رجل فقال امشوا فى الشارع المقابل فساروا معه ثم سألوا شخص بدين فقال لهم أنا ذاهب قرب هناك تعالوا معى فسار معه مصطفى وتأخر عبده ومحمد فقال عبده وهو يخفى الضحك الرجل ظاهر عليه أنه من الأفيال فرد محمد وهو يضحك ولا تنابزوا لكن على أية حال فقد ورد فى إحدى البرديات الفرعونية المزعومة أن معلم لا أذكر اسمه كان يأكل 500رغيف وربع خروف وسلال من الفاكهة وأشياء لا أذكرها وبعد فترة وقف الرجل وقال اسمع أنا سأدلكم على الطريق هناك الشارع الذى يقطع هذا الشارع اتجه شمال فاهم فرد مصطفى فاهم نتجه شمال فقال الرجل مؤكدا على يده الشمال سلام ثم تركه متجها لشارع أخر فرد مصطفى وعليكم السلام ثم وقف ينتظر محمد وعبده اللذين يسيران بتلكع حتى يسير معهم وما إن وصلا عنده حتى قال عبده هيه كيف نسير فقال مصطفى نسير فى الشارع الذى يقطع هذا الشارع ثم نتجه على أيدينا الشمال ثم ساروا واتجهوا حتى وجدوا المحطة وانتظروا حتى آتت الحافلة فركبوها فاتجهت لبورسعيد عبر طريق فى وسط بحيرة المنزلة وشاهدوا قبل أن تدخل الحافلة مطار الجميل وشاهدوا بعض البيوت الخاوية من أهلها من أثر الحرب ودخلت الحافلة فى طريق ضيق عليه حراسة فقال محمد الجواب بان من عنوانه فرد عبده يا بنى هذه بلد بها فلوس قصدى حاجات بمليارات واتجهت الحافلة لمحطة فنزل من فيها ثم تحركت إلى أين لا يعرفون ووقف الثلاثة مبهوتين فهم لا يعرفون شىء هنا ووقفوا يتلفتون يمينا ويسارا صامتين يتكلمون بعيونهم وطال الوقوف حتى قطع مصطفى الصمت قائلا هيا نسال عن مصنع البصل فرد عبده تعالوا نسأل فى القهوة المقابلة وتحركوا فى اتجاهها فوجدوا رجل جالس يشرب شاى فقال مصطفى سلام عليكم فرد الرجل وعليكم فيه حاجه فقال عبده لو سمحت تدلنا على مصنع البصل فرد الرجل لا أعرفه اسألوا فى الميدان هناك فساروا حتى أصبحوا بمحاذاة دكان يقف خارجه رجل وداخله رجل فاتجهوا ناحيتهم وقال عبده يا رب يطلع عارفه فتقدم مصطفى للدكان قائلا السلام عليكم فردا وعليكم فقال مصطفى لو سمحت تدلنا على مصنع البصل فرد الواقف خارج الدكان وهو رجل بدين شوف تركب عربية أجرة ذاهبة لحى القبوطى وتسأل هناك عليه فقال مصطفى شكرا فرد لا شكر على واجب ثم ساروا وعبروا للجانب الأخر من الميدان غير عابئين بالإشارة المفتوحة ثم لوحوا للسيارات الأجرة فلم تقف فقال محمد بقرف وبعد هذا القرف فقال عبده متظاهرا بالصبر الصبر يا حبيبى فقال محمد وهو يحك ذقنه بيده اليمنى مدينة ظاهر عليها الأسوار الحديدية والشرطة كثيرة حاجة لا تطمئن فرد مصطفى اجلس على الحقيبة واسكت
فقال محمد بزهق أنا راجع البلد فرد مصطفى اسكت ثم لوح لسيارة أجرة فوقفت فقال عبده اسأله الأجرة كم ؟فاتجه مصطفى لشباك السيارة الأمامى وقال للسائق الأجرة كم من هنا للقبوطى فتفرس السائق فيهم وقال جنيه ونصف لكم فرد عبده مع السلامة وطال الإنتظار ومحمد يكرر نفس الجملة أنا راجع ولا يفعل شىء حتى أشار لسيارة فوقفت فاتجه عبده للشباك الأمامى قائلا كم الأجرة من هنا للقبوطى فرد السائق اركب الحساب يوم الحساب فركب الثلاثة فقال السائق لما تسألون عن الأجرة فرد مصطفى بينى وبينك الحالة المادية تعبانة فقال السائق ببساطة أنتم باين عليكم غرباء فقال عبده نعم فقال السائق شوف أغلى أجره فى بورسعيد 15 قرش يعنى من مكان ما ركبتم للقبوطى كل واحد15 قرش فرد عبده والله ما زال هناك ناس قانعة فقال السائق وهو يوقف السيارة لكى ينزل راكب ماذا حدث فرد عبده الحكاية إننا لوحنا لسيارة أجرة فقلنا للسواق كم الأجرة فقال 50قرش للواحد فقال السواق وهو يناول الراكب باقى فلوسه آه الحرامى خذوا بالكم هنا وبعد قليل قال لهم هيا وصلنا القبوطى وفتح عبده الباب ونزلوا من السيارة بعد أن دفعوا الأجرة للسواق شاكرين توعيته لهم ومشوا حتى قابلهم رجل مرور فسألوه أين مصنع البصل فقال ستعملون فردوا نعم فقال الطريق على اليمين تظلون سائرين فهناك مصنع الكوكا كولا ثم شركة للمقاولات ثم مصنع إدفينا وورائه مصنع البصل فرد عبده شكرا وانطلقوا سائرين حتى بلغوا مصنع الكوكا كولا فقال محمد هيا اسألوا عن على البدوى ألم يكن يعمل هنا ؟فرد عبده نعم ويا حبذا لو كان هذا هو المصنع الوحيد فى بورسعيد حتى يكون فيه وقال مصطفى هيا يا محمد اسأل عنه فرد محمد اسأل عنه فقال مصطفى من ساعة ركوبنا من البلد وأنت لم تفعل شىء وإن لم تسأل فلن نسأل فرد محمد بغرور أعز الطلب فقال عبده وهو يكظم غيظه يا سيدى تعال نسأل فرد مصطفى ليته كان بنتا فأراحنا من سلبيته وذهب الإثنان لحارس بوابة المصنع فقال مصطفى سلام عليكم فرد الحارس وعليكم السلام فقال عبده على البدوى موجود هنا فرد الحارس ترك المصنع من شهرين فقال عبده هل المصنع محتاج لعمال ؟فرد اكتفى المصنع بالذى فيه فقال عبده سلام عليكم فرد وعليكم وتحركا جهة محمد وقد استكت عقولهم وبخع عليهم الحنين للبلد وتأشب عليهم الأمر فقال محمد هل تعرفون ماذا أريد؟فرد مصطفى باستنكار اصمت فقال محمد أريد أن أخلع الحذاء والملابس وأجرى حتى أوصل البلد فرد عبده بقرف محمد أعرض عن هذا وتوكل على الله فقال محمد ونعم بالله
وساروا ميل حتى اهتدوا لمصنع إدفينا وقد نال منهم التعب وتلاحتهم الخواطر فقال محمد وقد تهلل وجهه أخيرا وصلنا الهدف فرد مصطفى تقدم واسأل فقال محمد بتعجب أنا فرد عبده سأذهب أنا فقال محمد خذ بالك باين عليهم متقدمين زيهم موحد فرد مصطفى انتظر سأذهب معك فقال محمد سلم على الآنسات فرد عبده مبتسما يا شيال اسكت واتجه الإثنان للبوابة وتقدما يريدان الدخول فأتاهم صوت يقول إلى أين فرد مصطفى اظهر يا متكلم فخرج الحارس لهما ماذا تريدان ؟فرد مصطفى نريد الدخول للسؤال عن عمل فرد الحارس المصنع استكفى فقال عبده متعجب بصفة من تقول هذا فرد الحارس بصوت عالى عندى أوامر من المدير فقال عبده بقرف فلتغور الشركة ومن فيها فرد الحارس وهو يهم بالتشاجر امشوا أحسن لكم فقال مصطفى ماشيان عليك اللعنة وسارا متجهين لمحمد فسار معهما لشارع جانبى فيه مصنع البصل فلم يجدوا حارسا فدخلوا وقد شموا رائحة البصل الفائحة فلم يجدوا أحد إلا العمال فجلسوا حتى مر عليهم عامل فأوقفه محمد سائلا أين مدير الشركة فرد العامل طالبين شغل فقال عبده نعم فرد العامل وهو يدعك يديه تعالوا غدا ستجدوه فقال محمد شكرا يا أخ ثم قال هيا بنا نمشى فقد قاربنا المغرب وقاموا سائرين حتى بلغوا الشارع الرئيسى فقال مصطفى لم أعد قادرا على المشى فرد محمد متاوها آه لابد نركب عربية وجلس فوق الحقيبة ولوح عبده لسيارات الأجرة فلم تقف فجلس معهم قرابة النصف ساعة حتى لوحوا لسيارة فوقفت فركبوا فسألهم السواق إلى أين فقال مصطفى موقف السيارات فرد محمد بصراحة لا نعرف شىء هنا وأكمل عبده لو سمحت دلنا على بنسيون فرد السواق ضاحكا على عينى ورأسى فقال مصطفى الله يحفظك فرد السواق بنسيون رخيص وسيعجبكم فيه السح اندح آمبو فنظر محمد لعبده نظرة لوم لأنه سينام مع النسوان ومع هذه النظرة أوقف السواق العربة وقال هيا انزلوا فرد مصطفى الأجرة؟فقال ثلاثين قرش وبنسيون السح اندح امبو تدخل فى الشارع المقابل وتمشى عشرين متر ستلقى على يدك الشمال شارع جانبى مسدود هو فيه فرد مصطفى شكرا وساروا وريع محمد فقال سمعتم كلامه فرد مصطفى ضاحكا ليت كلامه صح فأكمل عبده يا مجنون على الأقل تشوف اللحم الأحمر فقال محمد فى خوف هذا حرام فرد مصطفى عمرنا ما شوفنا نسوان عريانة إلا فى الأفلام يا ليتنا نمارس الجماع معهن فقال محمد استغفر الله ألم تسمع عن أمراض الإيدز والهيبز والسيلان وما يسببوه للناس من تشويه وضعف يؤدى للموت فرد مصطفى متعجبا إيه فقال محمد اسمع عليك اللعنة "ولا تقربوا الزنى "فرد عبده وهو يضحك أيها الفقيه لقد شفيت وكفيت
ومشوا حتى بلغوا الشارع الجانبى فألفوا البنسيون مكونا من ثلاثة أدوار كل دور حجرة وبيت راحة فولجوا للداخل فوجدوا رجلا علا المشيب رأسه منتفخ الأوداج ضخم الجثة يجلس وأمامه آلة الخياطة فقال مصطفى وهو يغير وجهه السلام عليكم فرد الرجل وهو يتكلف الإبتسام وعليكم مرحب مرحب فقال عبده عاوزين بيات فرد الرجل لو سمحتم البطاقات ففتح محمد الحقيبة واخرج البطاقات ورماها أمامه قائلا البطاقات مهمه للدرجة فرد الرجل وهو يكتب أسمائهم وأرقام البطاقات يا بيه أنت عارف الخطرين على الأمن فقال عبده ممكن نطلع الحجرة فرد الرجل كأنه لم يسمع الأجرة للواحد خمسه وسبعين قرش فأخرج مصطفى النقود وأعطاها له قائلا عاوزين نستريح فرد الرجل ألا يوجد أمانات ؟فقال محمد سنأخذ الحقيبة معنا فقام الرجل وتقدمهم صاعدا للسلم فصعدوا خلفه حتى بلغوا الدور الثالث وفتح حجرته الوحيدة فدخلوا وارتموا على الأرض يستريحون فتركهم الرجل فغفوا قرابة الساعة وصحوا فوجدوا شاب معهم فى الحجرة مرحب يا أخ فرد الشاب بلهجة صعيدية أهلا من أين ؟فقال محمد من الغربية فرد الشاب وأنا من سوهاج عاوزين شغل فقال عبده نعم فرد الشاب شوفوا البلد هنا حالتها وقفت لأن العمال كثير والقهوة التى بالشارع يتجمع بها فى الصباح أكثر من متين شاب من كل مصر يجى المقاول يختار جماعه ويمشى تلاقى الشباب نايمين على الرصيف وفى باحة الدكاكين الأمامية يعنى حاجة تقرف فقال مصطفى كيف سننام على سريرين ونحن أربعة فقال الشاب اسمع يا ولد عمى النوم هنا بأسبقية الحجز يعنى بعد ساعتين أو ثلاثة لن تجد موضع لقدم فقال محمد متعجبا ماذا تعنى ؟فضحك الشاب وقال سيكون عشرة فى الحجرة اثنين فى الشرفة واثنين على الأسرة والستة على الأرض لكن الرجل سيأتى لهم بمخدات وفرش وألحفة فقال عبده سأنزل لأشترى عشاء فرد مصطفى انتظر سآتى معك وقال الشاب وأنا سأنزل معكم وتركوا محمد وحيدا فخرج للشرفة لينظر للشارع فوقع نظره على امرأة فى البيت المقابل بقميص نوم وقد ظهرت أجزاء من صدرها وثدييها ففغر فاه لكنه أغمض عينيه وأخرج زفيرا حارا وحدث نفسه حرام لا تضحك على نفسك النظرة الواحدة ليست بطولها وإنما هى نظرات متعددة محرمة ادخل
دخل الحجرة وارتمى على السرير وهطل الدمع من عينيه لكنه سمع دبيب خطوات قادمة فرقأ دمعه واعتدل فى جلسته على السرير وما هى إلا دقيقة إلا ودخل الثلاثة حاملين الطعام فقال محمد بصوت متهدج لم ا ت أخرتم فرد عبده ضاحكا تفرجنا على زفة بورسعيدى بالسمسية فقال مصطفى وهو يفتح لفافة الطعام هيا نأكل واكلوا لكنه أكل يستسيغونه بإرغام النفس عليه وما هى إلا دقائق وتحقق ما قاله الشاب السوهاجى وحضر صاحب البنسيون ومعه شباب كل منهم يحمل ما سينام عليه وافترشوا أرضية الحجرة والشرفة فقال محمد بقرف من الذى سينام على الأرض فرد مصطفى وهو يضع يده على شعره أنا فقال عبده لا أنا فرد مصطفى أنا فقال عبده والله أنا فرد مصطفى موافق هيا أعطنى ما معكما لأن الحجرة شغلت فقال محمد الإحتراس واجب وأخرج محمد وعبده ما معهما وأعطياه لمصطفى الذى خلع الساعة ووضعها فى جيبه مع النقود وأخذ محمد الحقيبة ووضعها جانب الحائط وبعد ساعة وصل شابان يقاربان الثلاثين من العمر وافترشا الأرض مع المفترشين وجاء حظ عبده لجانب شاب منهما وطفا السوهاجى المصباح وتهيأ الكل للنوم وفاتت ساعة والثلاثة قلقين فمصطفى واضع يده على النقود والساعة ومحمد ممسك بحزام الحقيبة مخافة سرقتها أما عبده فقد شاء حظه العاثر أن يرقد بجانب الشاب المزنى به الذى ظل يتحسس ساقيه حتى وصل منطقة الخطر وأمسك القضيب وضغط عليه فحدث عبده نفسه قائلا هل أحدثه أو أتعارك معه فتكون معركة كبرى أم أصمت حتى يحدث الله أمر الله لالا ثم قام منتفضا وأنار المصباح ودخل الكنيف الإفرنجى وظل فيه قرابة الساعتين ثم قام فدخل ورقد على فراشه بعد أن يأس المزنى به من عودته نام وظل الثلاثة ساهرين حتى انبلج الفجر من بين دياجير الظلام فقاموا للكنيف وتوضئوا وصلوا ثم نزلوا الشارع وجلسوا على القهوة على ناصية الشارع بعد أن اشتروا ثلاثة فطائر وجلسوا يأكلون حتى جاء القهوجى قائلا طلبات السيادة فقال محمد ثلاثة شاى ثم قال سنذهب لمصنع البصل فقال عبده كانت ليلة سوداء فرد محمد ماذا حدث فقال عبده وهو يخرج زفيرا حارا الولد الذى رقدت بجانبه طلع خول فرد مصطفى عشان هذا دخلت دورة المياه وجلست فيها ما يقرب من ساعتين فأكمل محمد بلد بها بلاوى وأنت كررت خول وهى تعنى خادم فقال عبده الحمد لله وفجأة ارتفعت الأصوات فنظروا خلفهم فوجدوا شاب يقول لشاب أخر من الضائعين احترم نفسك بدل فقام الشاب الضائع غاضبا أنت حمار جاء من الصعيد ليشحذ من بورسعيد فرد الشاب وهو يشمر عن ساعديه قسما بالله لو زدت كلمة يكون يومك أغبر فرفع الشاب الضائع كرسى وقذف به فى اتجاه الصعيدى الذى تفاداه وتخطى الكراسى للضائع وحاول أن يضربه لكن الزبائن هدئوه وظل الضائع يرغى ويزبد وجاء القهوجى بالشاى فشربوه ودفعوا ثمنه ثم قاموا فركبوا سيارة أجره وذهبوا لمصنع البصل ودخلوا فوجدوا رجل ظنوا من سحنته أنه المدير فقال عبده له هل هناك أعمال لنا ؟فرد الرجل بابتسامة بلهاء نعم يوجد بوردية الليل فقال مصطفى ماذا تعنى بوردية الليل فرد الرجل من 12 للثامنة الصبح فقال عبده بكم فرد الرجل جنيهان يزدادن حسب عملكم فقال عبده هل هناك سكن فرد الرجل وهو يبتسم نعم تعالوا معى وساروا معه وشاهدوا المصنع من الداخل ثم قادهم لفناء فى نهايته مجموعة من الحجرات وقف أمام واحدة وقرع بابها فخرج رجل عجوز وقال نعم يا بيه فقال الرجل هؤلاء عمال جدد سيسكنون معك فرد الرجل ضاحكا على الرحب والسعة وتركهم الرجل ومشى فدخلوا مع الرجل العجوز الذى أشار للوح كبير من الصاج تحته أربع براميل زيت قائلا هذا هو مكان نومكم فرد مصطفى أليس فيه أغطية فقال الرجل ماذا تقول؟فرد مصطفى بصوت عالى فيه أغطية فقال الرجل لا لأنكم لن تحتاجوا لها فالجو حار والشغل سيكون ليلا فرد مصطفى فهمت ثم قال موجها حديثه لعبده ومحمد لا يسمع فقال الرجل متسائلا أسمايكم فقال عبده بصوت عالى أنا عبده والذى كلمك مصطفى والثالث محمد فقال الرجل وهو يهز رأسه وأنا اسمى الضمرانى فقال عبده أهلا وسهلا يا حاج اسمع سنترك الحقيبة هنا وننزل البلد نشترى غدا هل تريد شيئا من هناك فقال محمد لن يسمع هيا بنا وتحركوا وتركوا الضمرانى فالوقت ما زال متسعا أمامهم وساروا حتى وصلوا للسوق التجارى الذى يعرض فيه كل شىء للإستعمال الفردى بطريقة سمك لبن تمر هندى وكلما شاهدوا شىء قالوا ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ثم اشتروا عشرة أرغفة وعلبة مربى وساروا حتى خرجوا من السوق ووصلوا لدار عرض مصر ورأوا الأفلام على لوحة الإعلان وساروا حتى بلغوا منتزها فجلسوا مفترشين الأرض فقال مصطفى اسمعوا لو عملنا شهر سيكون معنا ميه وثمانين جنيه نشترى بهم بنطلونين وقميصين وحذاء وجورب لكل واحد ثم نأكل ونشرب بالباقى فرد عبده هنا حاجة حديثة جدا لكن هل نعمل شهرا أو بعض الشهر الله أعلم فقال مصطفى ماذا تقول يا عبده فرد محمد مهموما يقصد إننا لم نسأل سنقبض الرواتب متى فقال مصطفى أنت أقلقتنى فرد عبده صرفنا نصف ما معنا فأكمل محمد ما معنى هذا ؟فرد عبده يعنى أننا سنعيش أقل من حالة الكفاف نشرب شاى مرة واحدة وليست هناك جرائد والأكل خبز ومربى وفول وذلك لمدة أسبوع وبعدها نصبح على كف عفريت فقال مصطفى يا نهار أسود فرد محمد وهو يتصنع الضحك نعمل اضراب عن الطعام أو إننا نرجع للبلد فقال مصطفى يا نهار أسود
ثم قاموا وساروا حتى وصلوا لنقطة تدريب الشرطة بالقرب من المصنع فقال محمد يا ليت نقبض اليوم بيومه فرد مصطفى انظر لمن يلعبون الكرة هناك فقال محمد تعالى نلعب معهم فساروا حتى وصلوا لجامع بالقرب من ملعب النقطة فقال مصطفى تعال نقعد على باب الجامع حتى نراهم فرد محمد تقصد حتى يستدعوننا للعب فقال مصطفى نعم فرد عبده سنجلس وجلسوا فترة صامتين يشاهدون اللاعبين ثم أقبل ناحيتهم عسكرى وقال ماذا تفعلون هنا ؟فرد محمد نتفرج على اللعب فقال العسكرى بلهجة خشنة لا تقعدوا هنا وقت طويل فقال عبده لمه فرد العسكرى هذه نقطة شرطة يعنى فقال محمد يعنى ماذا فقال العسكرى يعنى محرمة على المدنيين إلا بإذن فرد عبده حاضر سلام عليكم وساروا فوصلوا المصنع ودخلوه وساروا حتى دخلوا حجرتهم فألفوا الضمرانى نائما على ظهره عاريا إلا من اللباس من الحر فلا شباك فإن فتحت الباب دخلت جيوش الناموس لتظفر بدمك الكريم وإن أغلقته كر عليك الحر فينزل عرقك مدرارا فتضطر لفتح الباب فتأخذ برد وتهاجمك جحافل البعوض ونضوا ملابسهم وغيروها ثم فرشوا لوح الصاج بورق الصحف ورقدوا يستجدون النوم الذى أبق وثوى بعيدا عن أعينهم لكنهم يغمضون عيونهم على أمل ولكن كل واحد منهم اشتد عليه الأمر فلم يقدر أحد منهم على أن يصارح الأخرين بما يجول فى نفسه التى استكت من التفكير وعردت لما يشبه الجنون كل منهم أن داخليا لكنه لم يستطع أن يأن خارجيا حتى لا يقال عليه أنه عيل لكن من كثرة ما تحركوا ومن كثرة فرقعة لوح الصاج شعر كل واحد بما فى نفس الأخر ونهض محمد وقال بقرف الله يخرب بيت الحكومه ألم تقدر على توفير الحد الأدنى للمعيشه الله يكون فى عونك يا ضمرانى فنهض عبده رادا الصبر فتحرك مصطفى وهو راقد وقال كل شىء وله أخر فقال محمد وهو يبتسم صدقنى أن نفوسنا ينطبق عليها قول امرىء القيس :
مكر مفر مقبل مدبر معا كجلمود صخر حطه السيل من عل
فرد مصطفى باسما كل شىء كل فى الدنيا بين الإقبال والإدبار ثم قام الثلاثة وفتح محمد باب الحجرة وأخذ عبده صابونة الضمرانى ليغتسلوا بها واهتبلوا فرصة عدم وجود عمال بالحمامات ودخلوا واستحموا وخرجوا يرجلون شعورهم فقال عبده فليذهب المصنع للجحيم فرد مصطفى دعنا نرتاح قليلا فقال محمد هيا بنا نلعب قصدى هيا ناكل فوافقوا واتجهوا للحجرة حيث دخلوها وأكلوا حتى شبعوا ولم يتبق من الخبز إلا ثلاثة أرغفة ومن المربة نصفها وقام الضمرانى حاملا منشفة متجها للحمام فهب مصطفى وسرق سيجارة من علبة السجائر وأشعلها فقال محمد حرام عليك السرقة وحرام عليك شرب السجائر فقال مصطفى ضاحكا الضمرانى اسم على مسمى فهو ضامر جسميا ونفسيا فقال محمد لقد خلعت عنه صفة العقل فرد الضمرانى شخص مستغل عالمه هو ما يحيط بالمصنع والمصنع ولا يعرف إلا السجائر والشاى والأكل وفجأة دخل الضمرانى فسأله مصطفى بصوت عالى بكم تعمل فى اليوم يا عم ضمرانى ؟فقال جنيهان فقال مصطفى من كم سنة تعمل هنا فرد أزيد من خمس سنين فرد عبده هذا غريب فقال محمد ضاحكا ذكرتمونى بخبر عن جندى سوفيتى هرب من هجوم هتلر فى الأربعينات للغابات وظل حيا فيها فاكرا أن الحرب مع هتلر قائمة وقد شده عندما قالوا له أنه مات من 40 سنة فقال مصطفى هذا ليس استغلال وإنما ناتج من الخوف ومشكلتنا هى استغلال الضمرانى فرد محمد إنك تريد تبديل المنكر هذا جميل وذلك يتطلب تغيير نفس الضمرانى تطبيقا لقوله "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "وبعدها يمكن أن تغير المنكر وأكمل عبده وعندما تريد تغيير المنكر فستقابل من يجعلك تؤمن أن الصمت خير من الكلام فقال مصطفى معقول نرى عملية نصب ونسكت فرد محمد هناك حكمة تقول إذا سألك الناس فقلت أدرى سألوك حتى لا تدرى وإن قلت لا أدرى علموك حتى تدرى فرد عبده ضاحكا يقصد أن الناس تريد الخير ولكنها تقف ضده فأكمل محمد قائلا يا حبيبى ألم تسمع الحوار الذى دار بين وزير ومجنون فى مشفى المجانين فقد سأل المجنون الوزير متى يسعد الإنسان باللذة فرد الوزير عندما تبدأ فى الإنتهاء فقال المجنون ولكن كيف يسعد بها وهى تزول فرد الوزير الإنسان لا يعرف قيمة الشى إلا بعد ضياعه ودار جدل بينهم فى نهايته قال الوزير لا تجادل مجنون أبدا لأنه سينتهى بك للجنون لذا وافقه على ما يقول وهذا يعنى أنك لو ظللت تتكلم ومعك الحق سيقول الناس مجنون وفجأة قال الضمرانى الوقت سرقكم ووقت العمل قرب تعشوا واخرجوا اتفرجوا على التليفزيون عند الجيران فقال محمد بصوت عالى هل هنا تليفزيون فرد الضمرانى نعم وأخرج عبده الطعام من لفافته وأخذ كل منهم رغيف بالمربة وأكله وخرجوا للفناء حاملين أجولة فارغة ليجلسوا عليها ليتفرجوا وجلسوا ولم يشاهدوا شيئا ومر الوقت وحان موعد العمل فقادهم الضمرانى لداخل المصنع ثم وقف أمام أجولة مليئة بالبصل وقال هيا نفرغ كل أو بعض الأجولة فبدأوا يفرغونها كل جوال فى دلو وإذ هم كذلك جاء بقية العمال واختار أكبرهم محمد ليعمل معه أمام الفرن ووزع مصطفى على المبشرة وعبده على سير يشبه السلم يضع على كل درجة بصل مبشور وظل الثلاثة طوال ثمانى ساعات بين الحمل والوضع والدفع والشد حتى وهنت عضلاتهم مع نهاية الوردية فحمدوا الله على مرور الليلة على خير وانصرفوا فى الثامنة باتجاه الحجرة فقال محمد الشغل لم يعجبكم فرد عبده بزهق عضلات يدى وقفت فأكمل مصطفى نعم تعبنا لكم ماذا تعنى بألم يعجبكم فقال محمد يعنى إن لم نكن سنقبض أجر كبير يساوى مجهودنا يبقى نسيب الشغل فرد مصطفى صح لقد أتينا على كل البصل مع أننا كنا خمسة فقال محمد نستحمى ونفطر وبعد ذلك نذهب للمدير فرد عبده ستدخل معنا لتكلمه أم لا فقال محمد وهو يخرج لسانه لا وساروا للحمامات ليغتسلوا من رائحة البصل واستحموا وخرجوا لحجرتهم وبدلوا الملابس وذهبوا لحجرة المدير ودخل مصطفى وعبده قائلين سلام عليكم فقال مصطفى احنا طالبين سلفة خمسة جنيه حتى نقبض أجرنا وإذا كنت لست واثقا منا فخذ البطاقات فرد المدير الأجور لا تصرف إلا كل 15 يوم فقال عبده يعنى الطلب مرفوض فرد المدير بكل آسف فأعطاه الإثنان ظهرهما ونزلا المرقاه لحيث وقف محمد فقال عبده ووجهه ينطق بالشر سنترك أجرنا فرد محمد وماذا بيدنا فقال عبده تعالوا نجمع الملابس وبعد ذلك سأقول لكم حل وسار الثلاثة للحجرة وجمعوا حاجاتهم وخرجوا للحمامات فقام عبده بخلع صنبور ووضعه فى الحقيبة وخرجوا مسرعين من المصنه بإتجاه محطة السيارت الأجرة وركبوا سيارة منها لمحطة القطار وجلسوا فقال محمد ألا ترون أن ما فعلناه سرقة فرد عبده بقرف بل بعض حقنا فقال محمد بخوف حقنا نطالب به أم نأخذه بالقوة فرد عبده طالبنا ولم ينفعه ولو ظللنا نطالب به لقوبلنا بالرفض فقال مصطفى وهو يلوح بيده فى الهواء ما ضاع حق ورائه مطالب لم يعد هذا ينفع فالعرب يطالبون إسرائيل بحقهم ومع هذا لا تستجيب
فرد محمد هذا المثل لا ينطبق علينا فنحن عملنا برضانا ولم يغصبنا أحد وخرجنا برضانا فما وجه الشبه فقال عبده اصمت وخيم الصمت على الكل حتى تململوا من الجلوس فالمنفذ لا يفتح قبل العاشرة وتلاحتهم الوساوس والظنون وأصبحت حركاتهم تعبر عن الضيق والملل فقطع محمد الصمت قائلا هيا لمحطة الحافلات فرد عبده اقعد واستهدى بالله فقال مصطفى كلامه صح فاضل ساعة على ميعاد فتح البوابة هيا هذا حافلة داخلية توصلنا لهناك ونهض الثلاثة من على المظلة الوحيدة التى تجمع تحتها وحولها كثير من الناس وأسرعوا نحو الحافلة التى مضت لهم داخل المدينة ونزلوا واستوقفوا شابين فقال محمد هل تعرفون محطة الحافلات فرد شاب فى طريقنا تعالوا معنا وسار الكل بإتجاه المحطة وقد فرحوا لما رأوها ودخلوا من بوابة الدخول لكنهم وجدوا مفتشى المنفذ الذين تركوا محمد وعبده وأدخلوا مصطفى بالحقيبة لداخل حجرة التفتيش فخرج منها ضائق الصدر وتعارك الثلاثة ثم خرجوا من المنفذ يسيرون فى شوارع المدينة وسألوا بعض الناس عن محطة السيارات الأجرة بين المحافظات فلم يلقوا جوابا مفيدا فرجعوا لمنفذ الحافلات وقد جول محمد على الدخول بالحقيبة للتفتيش ومعه واحد من الإثنين ودخلوا بعد أن ماطلهم حارس البوابة على سيجارة أو خمسة قروش واتجهوا لداخل البهو فألفوا أناس كل منهم يعلم على ورقة فقال له محمد ليس معنا ما يستحق الجمركة فقال له ادخل فى الصف فدخلا فى الصف حتى جاء التفتيش عليهما فقال محمد بخوف ليس معنا ما يستحق الجمركة ففتح المفتش الحقيبة وأخرج ما بها فألفى رائحة الملابس معبقة برائحة البصل فقال أين كنتم تعملون فرد مصطفى فى مصنع البصل فقال المفتش اجمعوا الحاجة واخرجوا فجمعوا الحاجة فى الحقيبة وقد تنفسوا الصعداء وثوى محمد فوق الحقيبة وعكم الثلاثة حافلة دمياط التى أتت وكأنها على موعد معهم فاهتبل محمد الفرصة ووثب لها وحاول الدخول ولكن الحقيبة أعاقته فقد كان هو داخل العربة وهى خارجها فظل يدخلها حتى ولجت معه وجلس وحجز لعبده ومصطفى مقعدين فركبوا وجلسوا وتحركت الحافلة لدمياط وقد أشرق وجه محمد لكن مصطفى وعبده يبدو عليهما الوجوم ودارت بهم عقولهم فى شتى المذاهب والأفكار التى انثالت عليهم من أثر الجوع وعدم شرب الشاى ووصلت الحافلة دمياط فنزلوا مسرعين متجهين لمحطة القطارات وهناك طعموا حتى زال الطوى وشربوا حتى نهلوا وجلسوا ينتظرون القطار الذاهب لطنطا وبينما هم ينتظرون نزلت امرأة عجوز لتشرب من صنبور بين القضبان وما إن ثنت ركبتيها لتشرب حتى دوى صفير القطار فنهضت العجوز لا تعرف على أى القضبان يأتى القطار واحتارت ماذا تفعل وأصيب الواقفون بالذهول وظهر القطار على بعد مائة متر تقريبا وقد استسلمت العجوز لكن فجأة قفز محمد للقضبان وأوصل العجوز للرصيف وحملها له وقد امتدت أيدى الناس لترفعها ووثب هو للرصيف فى اللحظة الأخيرة قبل وصول القطار ودعت المرأة والناس له ولكنه لم يلتفت وكأن شىء لم يكن فقد نسى الموقف وراح يفكر فى العودة حتى قابل مصطفى وعبده على الرصيف فقال مصطفى هيا نركب فهذا قطار طنطا فركبوا وبعد ربع ساعة تحرك القطار وقد توقف فى بلاد كثيرة فقال محمد بقرف قطار قشاش فرد مصطفى وهو ينظر لفتاة توزع نظراتها على الكل تعرف إن فيه قطار فى محافظة ما الحمار يسبقه ولو سقط من راكب شىء يذهب للسواق كى يوقف القطار حتى يحضر الشىء الساقط قال الكلام وهو ينظر للفتاة الخليعة التى اتسمت نظراتها بالفجور واهتز جسمها وتمايل وتلوى كأنها راقصة وبدأ الكل ينظرون لها نظرات رغبة محرمة وقد انتشت الفتاة بهذه النظرات فزادت من توزيع النظرات وارتفع صوتها بالضحك وهى تكلم زميلتها القروية التى وقفت خافضة الرأس محمرة الوجنتين خجلا مما تفعله الأخرى وجاءت محطة نزولهما فنزلت زميلتها كأنها تتوارى من أفعالها أما الفتاة الخليعة فقد لوحت لركاب العربة وهى تضحك بصوت عالى وتحرك القطار وقد بلغ الضيق بالثلاثة مبلغا كبيرا حتى وصل طنطا فنزل الثلاثة فقال مصطفى لن نروح إلا فى الليل فرد محمد يعنى نقعد ثلاث ساعات فقال مصطفى سندخل السينما فإن كنت مروح خذ الحقيبة معك فرد محمد هاتها وهات أجرة السكة فأخرج مصطفى أجرة السكة وأعطاها لمحمد هى والحقيبة وتركهما محمد وذهب لمحطة الحافلات حيث ركب إحداهن للقرية وما إن وصلتها حتى انطلق يسابق نفسه للبيت لكنه أحس أن الجو حار وأن الإحساس بالشوق انتهى منذ وضع قدمه على أرض القرية وسار حتى بلغ البيت ودخل قائلا اغيثينى يا أماه بالأكل فقد أضنانى الجوع