اين نحن من هؤلاء؟
الفتى البكاء
ثعلبة بن عبد الرحمن
شاب من الصحابة لم يتجاوز عمره 16 عام كان يكثر الجلوس مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان صلى الله عليه وسلم اذا اراد شئ من احد الصحابه ارسله هو فيها،وفي يوم دعاه النبي وارسله في حاجة له، فذهب ليحضرها للنبي
وحين ذاك مر ببيت من بيوت الانصار،وكان الباب مفتوح،فنظر ثعلبة الى داخل البيت،فاذا به يجد ستار مرخي على حمام،واتت الريح فحركت الستار عن الحمام،فاذا وراء الستارة امرأة تغتسل
فكأنه نظر اليها نظرة او نظرتين،ثم قال "اعوذ بالله ، رسول الله يرسلني في حاجته وانا انظر الى عورات المسلمين،والله لينزلن الله فيَّ ايات، وليذكرني في كتابه مع المنافقين"
ثم خشى من العودة الى النبي صلى الله عليه وسلم فهام لايعلم اين يذهب وانتظره النبي صلى الله عليه وسلم ومازال ينتظر فلم يأتي فقال "يا عمر ،يا سلمان اين ثعلبة بن عبد الرحمن ؟" قالوا " يارسول الله لعل عارضه حاجة فانتظره" فمازال ينتظر اليوم واليومين ولم يات فارسل رسول الله عمر و سلمان يبحثون عنه في المدينة فبحثا عنه ولم يجداه فقالا له ينتظر لعله يعود بعد ايام
ومضت الايام والنبي ينتظره فلما تأخرت عنه اخباره فقال" ياعمر يا سلمان يافلان يا فلان ،اذهبوا وابحثوا عنه في كل مكان، ابحثوا في الصحراء ابحثوا في كل مكان "
فمضى الصحابة يبحثوا عنه في كل مكان حتى وصلوا الى جبال بين مكة والمدينة واخذوا يبحثون حولها فاذا بأعراب يرعون غنما في اسفل الجبل
فلما رأوهم الاعراب سألوهم عما يبحثون قالوا "نبحث عن فتى من صفاته كذا وكذا " قالوا "نعم لعلكم تبحثون عن الفتى البكاء"
قالوا "والله لا ندري عن بكائه ولكن ما خبر هذا الفتى ؟" قالوا "في اعلى هذا الجبل شاب هنا منذ 40 يوما لا نسمع الا عويله وبكائه واستغفاره ولا ينزل الا عند غروب الشمس فنأتي له بمزقة من الحليب ليشربها ويصعد الى الجبل مرة الخرى"
فأختبأ عمر وسلمان وراء صخرة واخذوا يترقبون نزوله حتى اقترب الشمس من الغروب ثم غربت فاذا بهم يجدونه كفرخ منتوف بالي من شدة البكاء نزل منكس الرأس ،كسير الفؤاد ،دامع العينين، يجر خطاه على الارض حزناً و ذلاً ، فاخذ الجرة من الاعراب فشرب منها شيئا يسيرا ثم بكى واعطاهم الجرة وسار ليعود الى الجبل فرأى امامه عمر وسلمان قال "ماذا تريدون مني؟" قالوا "رسول الله يطلبك" قال "ماذا يريد مني ؟" قالوا "لاندري " قال " لعل الله نزل في الايات! " قالوا "لا ندري" قال "اذكرني الله مع المنافقين؟ " قالوا " لا ندري" قال "ياقوم اتركوني اموت فوق الجبل" قالوا "لانتركك"
واخذوا يجذبونه وهو يتمنع ،وهو يبكي بين ايديهم، حتى عادوا به الى المدينة ،فاضجعوه في فراشه وذهب عمر الى الرسول وقال له يارسول الله وجدنا ثعلبة قال "اين وجدتموه؟" قال "وجدناه عند الجبال بين مكة والمدينة "قال "واين هو الان ؟"قال" في بيته"
فذهب اليه رسول الله وحين وصل رأة امامه جلد بالي ملقى على الفراش فتربع النبي جالسا جنبه فنظر اليه ثعلبة وسأله "هل انزل الله في االايات؟" قال" لا "قال" اوذكرني الله مع المنافقين؟" قال "لا"
ورفع رأس ثعلبة على فخذه فبكى ثعلبة وقال "يا رسول الله ابعد رأسا قد امتلأت بالذنوب والمعاصي عن فخذك" قال "لا"
فبكى ثعلبة وقال" يا رسول الله انا اقل واحقر ابعد رأسي عن فخذك" قال" لا " فازداد بكاءه فقال النبي صلى الله عليه وسلم "ما ترجو يا ثعلبة؟" قال "ارجو رحمة ربي "قال "ومما تخاف؟" قال "من عذاب الله؟" قال وما تؤمل قال امِّل مغفرة الله فقال صلى الله عليه وسلم" اني ارجو الله ان يعطيك ما ترجو وان يؤمنك مما تخاف"
فبكى ثعلبة واخذ رسول الله يذكره ويرجيه في ربه ثم تحامل ثعلبة وقال" يا رسول الله اني اشعر بدبيب كدبيب النمل يسري بين عظمي ولحمي" قال "اوتشعر هذا يا ثعلبة؟" قال "نعم" قال "انه الموت قد نزل بك" ثم تشهد ثعلبة ولقنه النبي صلى الله عليه وسلم الشهادة حتى انتفض جسده ومات
فلما مات غسله النبي وكفنه وصلى عليه ثم مشى وراءه والصحابة يحملونه في نعشه وكان النبي يمشي على اطراف قدميه كأنما يمشي في الزحام فقال له عمر "يا رسول الله اتمشي على قدميك والناس قد اوسعوا لك وما عندك زحام؟"، قال" ويحك يا عمر ..ويحك والله لا اجد لقدمي موضعا من كثرة ما يزاحمني عليه من الملائكة"
..فتى لم يتجاوز عمره عن 16 عام....ويفعل مثل هذا ..
والله انا افتقدنا الكثير...
سبحان الله..
هل استطعت يوما ان تغض بصرك مثل الفتى البكاء ؟؟
هل خشيت من العقاب مثله؟؟
اين نحن من هؤلاء ؟؟