بسم الله الرحمن الرحيم
فاطمة بنت الخطاب وإسلام عملاق الإسلام
اسمها ونسبها (رضي الله عنها) : هي فاطمةبنت الخطاب بن نفيل بن عبد العزى القرشية العدوية، ولقبها أميمة، وكنيتها أم جميل،وأمها حنتمة بنت هاشم بن المغيرة القرشية المخزومية. وهي أخت أمير المؤمنين، وثانيالخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب (رضي الله عنهما)، وزوجة سعيد بن زيد بن عمرو بننفيل العدوي، أحد السابقين إلى الإسلام، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وقيل إنهاولدت لسعد بن زيد ابنه عبد الرحمن.
صفاتها(رضي الله عنها) :فاطمةبيت الخطاب (رضي الله عنها) صحابية جليلة، اتسمت بعدد من المزايا؛ منها أنها كانتشديدة الإيمان بالله تعالى وشديدة الاعتزاز بالإسلام، طاهرة القلب، راجحة العقل،نقية الفطــرة، من السابقات إلى الإسلام، أسلمت قديماً مع زوجها قبل إسلام أخيهـاعمـر(رضي الله عنه)، وكانت سبباً في إسلامه، كما أنها بايعت الرسول (صلى الله عليهوسلم) فكانت من المبايعات الأوائل.
دور فاطمة في قصة إسلام أخيها عمر (رضيالله عنهما):عرف عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) بعداوته تجاه رسول الله صلىالله عليه وسلم قبل إسلامه، فقد خرج عمر (رضي الله عنه) في يوم من الأيام قبلإسلامه متوشحاً سيفه عازماً على قتل رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فلقيه نعيم بنعبد الله، ورأى ما هو عليه من حال فقال: أين تعمد يا عمر؟ قال: أريد أن أقتلمحمداً، قال: كيف تأمن من بني هاشم ومن بني زهرة وقد قتلت محمدا ً؟ فقال عمر: ماأراك إلا قد صبوت، وتركت دينك الذي كنت عليه، قال: أفلا أدلك على العجب يا عمر! إنأختك وختنك قد أسلما، وتركا دينك الذي أنت عليه، فلما سمع عمر ذلك غضب أشد الغضب،واتجه مسرعاً إلى بيت أخته فاطمة (رضي الله عنها)، فعندما دنا من بيتها سمع همهمة،فقد كان خباب يقرأ على فاطمة وزوجها سعيد (رضي الله عنهما) سورة طـــه، فلما سمعواصوت عمر (رضي الله عنه)، أخفت فاطمة (رضي الله عنها) الصحيفة، وتوارى خباب فيالبيت، فدخل وسألها عن تلك الهمهمة، فأخبرته أنه حديث دار بينهم، فقال عمر (رضيالله عنه) : فلعلكما قد صبوتما، وتابعتما محمداً على دينه! فقال له صهره سعيد: ياعمر أرأيت إن كان الحق في غير دينك، عندها لم يتمالك عمر نفسه، فوثب على سعيدفوطئه، ثم أتت فاطمة مسرعة محاولة الذود عن زوجها، ولكن عمر (رضي الله عنه) ضربهابيده ضربة أسالت الدم من وجهها، بعدها قالت فاطمة (رضي الله عنه) : يا عمر إن الحقفي غير دينك، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، فعندما رأى عمرما قد فعله بأخته ندم وأسف على ذلك، وطلب منها أن تعطيه تلك الصحيفة، فقالت لهفاطمة (رضي الله عنها) وقد طمعت في أن يسلم: إنك رجل نجس ولا يمسه إلا المطهرون،فقم فاغتسل، فقام منفعل ثم أخذ الكتاب فقرأ فيه: (بسم الله الرحمن الرحيم. طه. ماأنزلنا عليك القرآن لتشقى. إلا تذكرة لمن يخشى. تنزيل ممن خلق الأرض والسمواتالعلى. الرحمن على العرش استوى...) فقال: ما أحسن هذا الكلام وأكرمه! ...، دلونيعلى محمد، فلما سمع خباب خرج من مخبئه مسرعا إلى عمر وبشره وتمنى أن تكون فيه دعوةرسول الله (صلى الله عليه وسلم) حيث قال: اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بأبيجهل بن هاشم.
وكان الرسول (صلى الله عليه وسلم) حينها في دار الأرقم،فخرج عمر (رضي الله عنه) متجها إلى تلك الدار، وقد كان متوشحاً سيفه، فضرب الباب،فقام أحد صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ونظر من الباب فرأى عمر وما هوعليه، ففزع الصحابي ورجع مسرعاً إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأخبره بمارأى، فقال الرسول (صلى الله عليه وسلم) لحمزة بن عبد المطلب (رضي الله عنه) : فأذنله فإن كان جاء يريد خيراً بذلناه له، وإن كان يريد شراً قتلناه بسيفه، فأذن لهونهض إليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى لقيه بالحجرة فأخذ مجمع ردائه ثمجبذه جبذة شديدة وقال: ما جاء بك يا ابن الخطاب فوالله ما أرى أن تنتهي حتى ينزلالله بك قارعة، فقال عمر: يا رسول الله جئتك لأومن بالله وبرسوله وبما جاء من عندالله، فلما سمع الرسول الكريم ذلك كبر تكبيرة عرف أهل البيت من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن عمر قد أسلم.
لقد كان ذلك الموقف أحد أروع المواقفالإسلامية في تاريخ الحياة الإسلامية، وفيه يعود الفضل لفاطمة بنت الخطاب (رضي اللهعنها) وثباتها على دينها، ودعوتها الصادقة لأخيها، الذي كانت البلاد بأجمعها تخافمن بطشه في جاهليته، ولكنها لم تخشاه قط، بل أصرت على موقفها، وكانت سبباً فيإسلامه (رضي الله عنه)، وبذلك تحققت فيه دعوة رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
رواية فاطمة بنت الخطاب رضي الله عنها للحديث :
روى الواقدي عنفاطمة بنت مسلم الأشجعية، عن فاطمة الخزاعية، عن فاطمة بنت الخطاب - أنها سمعت رسولالله - (صلى الله عليه وسلم) يقول: << لا تزال أمتي بخير ما لم يظهر فيهم حبالدنيا في علماء فساق، و قراء جهال، وجبابرة؛ فإذا ظهرت خشيت أن يعمهم الله بعقاب >>
وبمراجعة الحديث الشريف السابق نجد فيه إشارة إلى خطورة العلماءفي المجتمع، وما يمكن أن يصنعوه من خير وتقدم إن كانوا صالحين أتقياء، وما يجلبونهمن شر وويل على الأمة إن كانوا فاسقين عصاة، تعلقت قلوبهم بحب الدنيا ومتاعها؛ ذلكلأنهم يشكلون نخبة المجتمع وصفوته، وبصلاحهم يصلح المجتمع، وبفسادهم يفسد المجتمع.
مما كتب في فاطمة بنت الخطاب من شعر :
كتب عمر بن الخطاب في أختهفاطمة أبياتاً من الشعر، يصف فيها صبرها واحتسابها إلى ربها، حينما عارض عمراعتناقها للإسلام، وذلك قبل دخوله (رضي الله عنه) للإسلام:
الحمــد لله ذيالمـــــن الــذي وجبـت لـــه علينـــــا أيــــــاد مـــــا لهــــــاغـــيــــر
وقــــد بدأنـا فكـــذبنــــــــا فقـال لنــــــا صـــدقالحـديـــــث نبـــي عنـــده الخـبـــر
وقــد ظلمـت ابنــة الخطاب ثم هـــدىربــــي عشيـــة قالــــوا: قــد صبا عمـــــــر
وقــد نـدمت على مــا كــــانمـن زلـل بظلمــهـا حـــين تتـــلى عندهــا الســـــور
لـمـا دعــــت ربـهاذا العــرش جـاـهدة والـــع مـن عينـــها عـــــــــلان يبتــــدر
أيقنـــت أنالــذي تدعــوه خالقـــــــها فكـــاد تسبـــــــقني مــن عبـــــرةدرر
فقــلـت: أشهـــــــد أن الله خــالقــنـــا وأن أحمـــد فينــــــااليــــــوم مشتـــهر
نبـي صـدق أتـــــــى بالحــق من ثقـة وافــــيالأمـانـــة مـا في عـــوده خــور
الخاتمة
لم تكن تلك السطورالسابقة سوى ومضات سريعة من مواقف في حياة إحدى عظيمات نساء العالم، فاطمة بنتالخطاب (رضي الله عنها)، تلك الشخصية التي سمت وبرزت في عالم الإسلام والإيمان فيأبهى صورة المرأة الداعية، فكانت مثالاً وقدوة يحتذى بها في التضحية للدعوة إلىالإسلام، فهي شخصية اتصفت بصبرها واحتسابها إلى ربها (عز وجل)، فقد تحملت الكثير منأجل إسلامها، ولم تخف يوماً من أخيها عمر بن الخطاب، حينما كان في جاهليته، في حينكانت مكة بأسرها تخاف من بطشه.
وأهم النتائج التي توصلت إليها في شخصيةفاطمة بنت الخطاب (رضي الله عنها) :
* أن لا يخاف المسلم في الله لومة لائم،ويتضح ذلك في موقف فاطمة (رضي الله عنه) عندما أسلمت على الرغم من معرفتها ببطشأخيها وجبروته، فلم تخش سوى ربها (عز وجل)، وسعت لمرضاته.
* سعي فاطمة (رضيالله عنها) لهداية أخيها عمر بن الخطاب للإسلام، حيث كان لها الدور البارز فيإسلامه (رضي الله عنه)، فقد ارتبطت قصة إسلامه المشهورة بفاطمة بنت الخطاب .
منقول