عظم شأن الصلاة
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى وقد جاء في الحديث «لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة»( ) وقد كان عمر بن الخطاب يكتب إلى الآفاق أن أهم أموركم عندي الصلاة فمن حفظها فقد حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة قال فكل مستخف الصلاة مستهين بها فهو مستخف بالإسلام مستهين به وإنما حظهم من الإسلام على قدر حظهم من الصلاة ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة، فاعرف نفسك يا عبد الله واحذر أن تلقى الله ولا قدر للإسلام عندك فإن قدر الإسلام في قلبك كقدر الصلاة في قلبك وقد جاء الحديث عن النبي أنه قال: «الصلاة عمود الدين»( ) ألست تعلم أن الفسطاط إذا سقط عموده سقط الفسطاط ولم ينتفع بالطنب ولا بالأوتاد وإذا قام عمود الفسطاط انتفعت بالطنب والأوتاد فكذلك الصلاة من الإسلام. وجاء الحديث «إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن تقبلت صلاته تقبل منه سائر عمله وإن ردت عليه صلاته رد عليه سائر عمله»( ) فصلاتنا هي آخر ديننا، وهي أول ما نسأل عنه غدًا من أعمالنا يوم القيامة فليس بعد ذهاب الصلاة إسلام ولا دين إذا صارت الصلاة آخر ما يذهب من الإسلام، والصلاة هي أول فروض الإسلام بعد الشهادتين، وهي آخر ما يفقد من الدين، فهي أول الإسلام وآخره فإذا ذهب أوله وآخره فقد ذهب جميعه، وقد أصبح الناس في نقص عظيم شديد من دينهم عامة ومن صلاتهم خاصة، فاتقوا الله عباد الله في أمور دينكم عامة، وفي صلاتكم خاصة وانصحوا فيها إخوانكم فإنها آخر دينكم فتمسكوا بآخر دينكم وبآخر ما عهد إليكم نبيكم من بين عهوده إليكم وهي الصلاة إذ يقول في آخر رمق من حياته «الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم»( ) وأمروا رحمكم الله بالصلاة في المساجد من تخلف عنها، وعاتبوهم إذا تخلفوا عنها، وأنكروا عليهم بأيديكم، فإن لم تستطيعوا فبألسنتكم واعلموا أنه لا يسعكم السكوت عنهم؛ لأن التخلف عن الصلاة من عظيم المعصية فإن لم تفعلوا تكونوا آثمين ومن أوزارهم غير سالمين لوجوب النصيحة لإخوانكم عليكم، وقد جاء الحديث: «يجيء الرجل يوم القيامة متعلقًا بجاره فيقول: يا رب وعزتك ما خنته في أهل ولا مال فيقول: صدق يا رب ولكنه رآني على معصية فلم ينهني عنها»( ) فاحذر تعلقه بك غدا وخصومته إياك بين يدي الجبار ولا تدع نصيحته اليوم وإن شتمك وآذاك وعاداك فإن معاداته لك اليوم أهون من تعلقه بك غدا وخصومته إياك بين يدي الجبار في ذلك المقام العظيم فاحتمل ما جاءك منه لعلك تفوز غدا مع النبيين والصديقين والتابعين لهم بإحسان انتهى من رسالة الإمام أحمد رحمه الله.